[size=
24]إنت بتقول إيه؟ الرغيف هو اللي غلطان طبعاً!
كنت في الثامنة من عمري... وأيضا عمري ما مر يوم إلا وذهبت لفرن العيش فجراً..
اصحى يا واد.. يا واد اصحى.. أمي تلكزني في كتفي تارة، وتارة في رأسي، وتارة تهددني بأنها سوف توقظ أبي؛ ليوقظني هو بنفسه.. وطبعاً ده معناه علقة مضمونة أو على الأقل قلم على الماشي والمؤذن لسه مخلّص أذان الفجر، وصوت همهمة في الشارع، صوت أصدقاء الرحلة.. رحلة رغيف العيش.. وطبعا الكل فينا تساوى في قسوة الاستيقاظ مبكراً للوقوف في طابور العيش الذي لن يتحرك إلا بعد الساعة السادسة؛ لأن اللي هيروح بدري هيلحق مكان بدري.. وعمري ما رحت بدري إلا وألاقي ناس واقفة وكأنهم نايمين قدّام الفرن من امبارح.. ونظل نتحاور ونتجاذب الحديث وطبعا ولا الحديث فيه جاذبية ولا الناس اللي واقفة.. بس الواحد بيطلّع غِله في أي كلام.. شتيمة في نادي الزمالك علشان خسر (عهدت الزمالك يخسر على الرغم من أني زمالكاوي، زي ما أنا عهدت العشرة أفراد الذين يقفون في بداية طابور العيش بالظبط)، أو نتكلم في شراء جزمة جديدة أو إن بطل فيلم اتمسك حقيقي بشحنة مخدرات كبيرة واتسجن، وطبعا الفكرة السائدة إن الفنانين يستحقوا كده من الحاجات اللي بيعملوها في الحرام (فكرة شعبية شائعة مثل إننا سنحصل على العيش فور وصولنا)!!..
يصل المعلم الذي يبيع لنا العيش ويرصنا على صف واحد والحريم تقف براحتها علشان يلحق أي حاجة من دي.. أو مسكة أو لمسة من دي.. وطبعاً كلهم سايبين نفسهم للموجة طالما هتروح بدري تلحق تجهز سندوتشات العيال وتفطّر جوزها.. ونفضل احنا واقفين لحد ما ييجي الدور.. وطبعاً يقول لك مفيش عيش إلا بجنيه بس.. وطبعا احنا عندنا "أورطة" بشر عايشة فاتحة بقها زي أبويا ما كان بيقول..
مرة قلت هاعترض وأقول له: مش هاخد غير بـ 2 جنيه مرة واحدة بدلا من الشراء بـ 2 جنيه على مرتين (آخد بجنيه بعد وقوفي في الطابور فترة طويلة وبعدين أقف تاني عشان آخد بجنيه تاني)!!
طبعاً المعلم بص لي بابتسامة يبدو أن اعتراضي أعجبه وفقعني حتة قلم زي بتاع أبويا لما بينوي يصحيني بنفسه وقال لي: يا (....) استني بقى عشان تاخد بـ 2 جنيه.. ثم همس لنفسه بحكمة أو سؤال تهكمي عليّ وعلى أمثالي.. فاكرين نفسهم عايشين في زمن أم بطرمان.. والله إنتم ناس عايزين الحرق ببنزين...... وليه مش محتاج أشيلها ببنزين وسخ.. طبعاً جبت الشتيمة لكل الواقفين وسمعت أكتر من شتيمة بتلف حواليا زي منتخب مصر ما لف حوالين "عمرو زكي" لما جاب أول جول في البطولة الإفريقية ومحدش كان مصدق....
وراجل عجوز سمعته بيقول للمعلم: سيبه بقى يا معلم دا عيل بـ(......) يعني مش مستاهلة تضيّع وقتك معاه.. إديني بجنيه عيش ومشيني... أنا راجل كبير.. - اقف في دورك يا عم الحاج مش نقصاك.. المعلم كبَسه.. من جوايا اتبسطت إن إحراج المعلم للعجوز رد حقي في الشتيمة... دا غير إني صعبت على واحدة راحت للمعلم وقالت له: إدي له بقى يا معلم عشان خاطري، وما كمِّلتش الجملة وكان عندي قفص عيش (مفقع) اللي بيطلع مخصوص لرئيس المجلس المحلي بتاع المنطقة.. ما هي منطقة زي "أبو قتادة" لازم يكون فيها رئيس مجلس محلي بياكل عيش زي أي رئيس مجلس محلي في أي منطقة.. وطبعاً الرغيف بتاعه زي اللي بيتصور في الجرايد في الصفحة اللي قدام الصفحة اللي بيجيبوا فيها أخبار عن الفنانة المعتزلة كريمة الذكر......
طبعاً يومها مشيت.. بعد ما أثبتت له السيدة أني أحد أقربائها المقربين.. وأني زي "حوكة" ابنها بالظبط!.
أيام بتفوت..
عمري يجري مني..
وتعيش أحلام وتموت..
وانت جوا مني..
أغنية "مصطفي قمر" اللي غناها لرغيف العيش.. وأصبح الرغيف للقادرين والشعار هو (الرغيف لمن يستحقه)..
أمر أمس على "مصطفى الكبابجي".. غلبان فاتح المحل بطلوع الروح بعد العربية الصفيح اللي بدأ بيها حياته العملية، ويشتكي لي رغيف العيش.. زعلت قوي من رغيف العيش وقلت: أنا لازم أشتكيه... لمين؟ لمين؟ لوزارة العيش... طب تفتكر إن الرغيف هيسمع الكلام حتى بعد ما رئيسه في العمل يأمره بأن يتراجع عن قسوته وجبروته.. عرفت بأن رئيس الأرغفة الكبير بيبعت خطابات تهديد بإن الرغيف إذا لم يتراجع عمّا يفعله سوف يلغيه نهائياً.. وطبعاً معاه حق.. هو هيفضل معذبنا معاه.. والرئيس بتاعه قادر على إنه يلغيه ويمنعه أو يسخطه.. مرة حكم على رغيف عشان ما سمعش الكلام إنه هيسخطه زي الأسبرينة ومن يومها ما رجعش.. عقاب شديد.. صعب عليّ طبعاً.. هو أنا قلبي رغيف؟ برضه لازم نحس ببعضنا.. لكن اللي غلط يستاهل العقاب.. قال إيه يقول لك دلوقتي إن الحكومة ليها علاقة بإن الرغيف اتسخط وإنه مش موجود؟.. طب الحكومة ذنبها إيه إن الرغيف غلط.. وبعدين قال لك الراجل الغلبان زعلان عشانه! ما هو لازم الغلبان يفك نفسه بقى شوية ويقوم يرقص حبة بلدي والرغيف مشكلته هتتحل.. مشاكل أرغفة مع بعضها واحنا ما لنا؟ أنا سمعت إن الرغيف الغلطان هيطلع في برنامج (الفرن فرنك) عشان يصالح جمهوره اللي بيحبه بس للأسف درجة الحرارة هتبقى أثناء المشاهدة فوق 1000 درجة مئوية عشان نسبة المشاهدة هتبقى قوية.. وسمعت إنهم هيرخصوا تمن الغلابة اللي زعلانين عشان العيش ياكل.. هما هيفضلوا الغلابة دول عاملين مشكلة..
(لو الطابور اللي عشته وأنا صغير كان محترم ما كانش الرغيف هيتنطط علينا)
منقوووووووووووووووووووول