حزب سياسى جديد اسمة حزب الصمت

حزب الصمت هو حزب يتزايد أعضاؤه يوما بعد يوم. واذا قابلت عضوا منتميا
لحزب الصمت وجدته حزينا، هائما، منتكس ومطرق الرأس .. منكسر العزة والكرامة .. حائر
الفكر .. مشتت النظر .. صامت !
وحزب الصمت لا يجتمع كأعضاء اي حزب وإلا تعرض
للاذي .. مفهوم! وحتى الفكر عند العربي الصامت ممنوع .. إنها التعليمات
.. مفهوم !
حزب الصمت هو الحزب الوحيد الغير مرخص له في كل
الدول العربية
حزب الصمت أفواها أدمنت لغة الصمت الذي قرأ فيه
بعض الناس ذهبا, وقرؤوا فيه تعبيرا أكثر بلاغة من الكلام في زمن صار فيه الكلام
ضرورة, والحديث بصوت مسموع حاجة للتفريغ عن مكنونات القلوب, حيث تصبح الكلمة عملاقا
يتحدى أشكال الضعف والفساد, وضرورة عندما يكون ما ينطق به اللسان أحد من نصل السيف
ومبضع الجراح, ولو كان ( أضعف الإيمان ).‏

فعندما تكبل الأيدي, وترتجف القلوب, أو تعجز العيون
عن التعبير, لابد للسان أن ينطق بالحق ولو كان الثمن كبيرا .‏
وليس لحزب الصمت اي مقر ولا رئيس ولا لائحة ولا لجان فالاعضاء تقريبا
فقدوا الأمل وينهشهم الكساد والبطالة.
ولولا وجود الله و ايمانهم بقدرته و
يقينهم بأن الانتحار محرم لانتحر اعضاء حزب الصمت علي الطريقة البوذية بأن اشعلوا
النار في انفسهم في الشوارع الرئيسية والميادين.
انهم ببساطة ينتظرون معجزة
السماء.
وربما لهذا لا يقرأ اعضاء حزب الصمت الصحف ولا يتابعون التليفزيون
ويلقون بأدمغتهم في البرنامج الموسيقي و القنوات الفضائية و أحيانا فى الدين و
الكتب الدينيه .
وقد لوحظ ان اعضاء الحزب المذكور يترددون علي الاطباء
النفسيين وعندما يجلس احد اعضاء حزب الصمت امام الطبيب النفسي ويتمدد علي الكنبة
ويبدأ يتكلم عما يعانيه،
قال 'انا مش فاهم حاجة!
ولا عارف لأي اصلاح بداية أو نهاية! انا استخدم عقلي لأفهم معادلات السياسة وافشل
في الفهم واردد 'هي كده عاجبك والا لأ ؟'
وهناك اعضاء من حزب الصمت يزورا اطباء البطنة
لأنهم يعانون من الصداع، وفقدوا الشهية للاكل. واذا شرحوا الاسباب قالوا تقتلنا
الحيرة
ويقول الدكتور وهو يقيس ضغط العضو
'حيرة؟ ليه ؟'
فيرد
العضو 'انت مشغول يا دكتور بين عيادتك ومكانك في
الجامعة والزيارات الاضافية للجامعات الخاصة ومش دريان'
ويخجل الدكتور ويرد 'مش دريان بأيه
؟'
فيرد العضو محتدما وقد استفزه الدكتور
::
- 'انت كرجل مثقف ومواطن يدفع الضرائب، هل يرضيك
الفساد الذي يعشش لزمن طويل كالوباء الساكن في جسم؟
- هل يرضيك توسل الحكومة
للمتعثرين في سداد القروض؟
- هل يرضيك بطالة الشباب والتصريحات النارية بوظائف
لهؤلاء الحياري؟
- هل لديك معلومات عن المصالحة مع الدولة من طرف التيار الديني،
وهل هو معلن ام يمضي في سرية تامة؟
- هل تعرف مقدار الدولة الخارجية و حجم
استثماراتها فى بنوك اوروبا و اميركا؟
- هل تعرف باطلاعك كواليس الفلسطينيين
والحروب الداخلية بين تياراتها؟
- هل يرضيك ان يكون لقلم ما سطوة تخيف الوزراء
والمحافظين لأنه مسنود؟
- هل انت علي علم كامل بنوعيات اعضاء مجلس الشعب وهل هو
يعبر عن هموم الناس ام هو مجرد وجاهة اجتماعية؟
وشعر عضو حزب الصمت ان الدكتور الذي يعالجه قد اغمض عينيه لعله من
صداع في الرأس ..
فقال للعضو 'نقلت لي عدوي الحيرة'.

ان حزب
الصمت شعاره أو للدقة مبدأه هو:
"نعرف أو نموت" ويكره حزب الصمت اجتهادات الناس في التفسير
والسيناريوهات المؤلفة.
ويكره الحيرة التي تصيب جماهير الناس حين يعجزون عن فهم
الخبايا والخفايا.

ماذا يطلب حزب الصمت؟

يطلب بوضوح شمس استوائية، وليس سماء ملبدة
بالغيوم!
ومازال أعضاء الحزب يتزايدون وهم بالطبع سلبيون ما داموا لا يعرفون.

واخشي ما اخشاه ان يتحول اعضاء حزب الصمت الي ما يعرف بالعصيان المدني.

فأمام المشاهدات اليومية, وتكرار مواطن الوجع في الكثير من
مفاصل الوطن ,لابد للسان من أن ينصح وينبه ويوجه ..
ويقوّم فثمة آذان كثيرة
تستمع, وثمة أصوات تنطلق من هنا وهناك فتحاصر الخلل, وتعطي القوة لمن يتردد في
إطلاق كلمة الحق, وتدعم قرار من بيده تصويب الامور,
فليس صحيحا ان يصمت الجميع
في زمن الضجيج, شريطة أن نعرف متى يكون للكلام وقع صحيح, ومتى يكون لما نقوله
مكانته التي يستحق.
وإن انتفى ذلك نلجأ إلى بديل مؤقت هو الصمت الذي ينذر بقدوم
الرعد حتى تكتمل الصورة, ونترك فسحة للأمل حتى يضيف إليها الألوان المطلوبة,
ويكسوها لحما ودما .‏
فبين الصمت والأمل في هذه الحالة توافق رائع, والأروع منه
أن نتكلم..
أن نطلق صرخاتنا في وجه من ينطلق كالصاروخ فوق أحلامنا وأجسادنا
الضعيفة, وأمانينا التي قاربت حدود الحلم..‏

واخيرا هناك من الحالات ما يدفعنا إلى طرح بعض التساؤلات كالتالي
::
* ما قيمة الصمت عندما نسكت عن شخص يستفيد من صمتنا
ويفسره ضعفا, ويفهمه نتيجة لقوته الظالمة ولقدراته الخارقة التي توقف كل صوت غير
صوته؟
* ما قيمة الصمت إذ سكتنا عن مسؤول يحبط مشروعاتنا التي نقرأ فيها مطلبا
ملحا لمستقبل الناس وارتباطهم بوطنهم, فقط لأنه أراد ذلك ولتذهب آراء الآخرين إلى
المجهول؟
* ما قيمة الصمت عندما نسكت عن مرتكب فاسد, أقنعه غروره بصواب ما
يفعل, ويؤمن بقدراته الخارقة على تطويع القوانين لمصلحته وإدراكه أنه بعيد عن
المحاسبة, خاصة وأن بطانة مدربة تفسر له ما يفعل بأنه حق وشطارة وذكاء في التعامل
مع متطلبات العصر الجديد؟
* ما قيمة الصمت في زمن بات فيه المجال متاحا لكل صوت
صادق والدعوة إلى المشاركة في البناء صادقة واضحة وضوح الشمس ..؟!
* لماذا
الصمت أمام ممارسات تحبط الكفاءات, وتقرب الضعفاء على حساب الآخرين, وتزين للناس
أفعالها بأنها دعوات للمنافسة الشريفة, والغرض منها إرضاء شخص ما ؟
أمام ما ذكرنا تكثر الأمثلة ,فلتكن دعوتنا إلى قول الحق في زمانه
ومكانه, ولتتحد أصواتنا قلبا واحدا, فعندما تتسع دائرة الكلام لابد للآذان أن تستمع
وإن كره بعضها ذلك .‏